رفقا بالقوارير
إستيقض الزوج ذات صباح وذهب إلى الحمام ليغسل وجهه ،
نظر في المرآة فإذا بوجهه مليء بالرسومات
بمختلف الألوان ، كانت زوجته الصغيرة المجنونة الطفولية البريئة القلب ، قد خربشت قليلا على وجهه وهو نائم ، كانت قد فعلت ذلك بحب كبير ، طامعة في الصباح أن تضحك عليه فيركض خلفها و يمسكها ويقرصها من خدها ،
ثم يعانقها بقوة ويخبرها أنه يحبها ، ثم يضحكها على وجهه طيلة اليوم ، هكذا كانت تحلم تلك المسكينة ، عندما فعلت ذلك في الليلة الماضية ، غسل وجهه وهو غاضب ثم توجه إلى المطبخ ليشرب القهوة التي إعتاد عليها كل صباح ، كانت لم تعدها أرادت أن تشاجره قليلا طمعا في بعض الرومنسية التي طالما رأتها في الأفلام وقرأتها في بعض الروايات ،لكنه حين لم يجد القهوة زاد غظبه وذهب إليها ،إبتسمت في وجهه ظنت أنه سيضحك في وجهها ويعاتبها معاتبة الأطفال الصغار ، لكنه صرخ في وجهها وصفعها حتى طرحها أرضا ، "أنا لم أتزوجك لألعب معك ،أنا رجل ولست طفلا صغيرا ،تزوجت لأكون أسرة ،لأنجب أولاد لأكون رجلا في أعين الكل ، هل جننتي تريدين أن تعيشي قصة حب وغرام ورومنسية ،أفيقي فأنت لست بطلة أحد تلك الأفلام ،وتلك الروايات التي كنت تقرئينها قد إنتهى زمنها ، فهي لا تصنع البيت ،ولا طعام ولا تربي الأولاد ،قال هذا وهو يصرخ في وجه المسكينة ،ثم قال لها وهي تبكي :
اليوم سأعزم كل أصحابي على الغداء ،أريد أن يكون كل شيء جاهزا عندما أحضر هل فهمتي ويا ويلك إذا وجدت نقصا منك .
خرج وهو يرى نفسه السيد الآمر في البيت ،يرى نفسه السيد الذي لا تخرج زوجته عن طوعه ،
تركها مكسورة مخذولة تبكي بشدة ، حتى أنها لم تستطع أن تتنفس جيدا فهي مريضة وحين تبكي يكاد ينقطع نفسها ،وهي تسرع في تحضير الطعام ،والدموع لا تفارق مقلتيها ،لم يكفيه كونه فعل مافعل بها ، بل قص على أحد رفاقه ما حدث معه في الصباح ،وهو يضحك ويقول :"قال حب ورمنسية زوجية ، قال هكذا يجب معاملة النساء يا صاحبي ،وإلا لم تتعلم المسؤولية أبدا ولن تكون أما صالحة ،عليها أن تعلم أن الزواج ليس ما تشاهده وتقرأ عنه "
لكن لحسن الظن أن صديقه ذاك لم يكن مثله ،بل لم يسمح له لإكمال الحديث وقاطعه قائلا : أي رجلا أنت ؟ ما كل هذه القسوة؟
أهكذا تعامل زوجتك ؟
أهكذا يكون الزواج الصالح أما سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول : رفقا بالقوارير؟
فهي كالقارورة عليك أن تعاملها برفق وأن تكون لطيفا معها ، تداعبها ولا تكسر بخاطرها
ويحك يارجل ماذكرته قبل قليل من طبخ وتربية للأبناء هو في الأصل من بسيط وظائفها
وكونك حنونا ولطيفا يزيدها شغفا وحبا بك ، لكنها ليست خادمة ولا جارية عندك ، عد إلى رشدك وتب إلى الله ،وعد إلى زوجتك وأكرمها
ولا تحزنها بعد الآن .
حزن الزوج وحس بضعف شديد ولام نفسه على ما فعله فاتصل بها ليخبرها أنه لغى الغداء
مع أصحابه ، فيريد أن يتغدى معها ، لكنها لا تجيب على الهاتف إتصل بها لكنها لا تجيب على الهاتف
قال لعلها مشغولة في تحضير الطعام ولم تسمع الهاتف ،عاد إلى المنزل مسرعا رن الجرس لكنها لم تفتح الباب ، بحث عن مفتاحه لكنه نسي أنه لم يأخذه عندما غادر في الصباح ، وفجأة رن هاتفه وكان المتصل أخ زوجته إتصلت به عندما أحست نفسها ليست بخير ليأخذها إلى المستشفى ، أجابه ،فقال له أخ زوجته: أخي نحن الأن في المستشفى هلا مررت ، قال ذلك وصوته الباكي يصرخ ، كاد يتوقف قلب زوجها من الخوف ،بل إن فكرة أن يكون قد أصابها مكروه قد أرهقت ركبتيه فلم يقوى على السير ،فأوقف "تاكسي " وذهب إلى المستشفى
وجد كل أهلها هناك والحزن بادي على وجوههم
ظن بأنه سيقابلونه بغضب ، فقد تكون شكته إليهم، لكن يبدوا أنها لم تفعل ، سلم على الجميع وبقي ينتظر معهم ماسيقوله الطبيب ، بعد عدة ساعات ، خرج إليهم الطبيب مطأطىء الرأس
وقال لهم ببالغ الحزن والأسى "الله يرحمها"
كان قلبها ضعيفا جدا ،ربما حزنت بشدة وكان ذلك سبب في ضعف قلبها ،جاءت إلينا متأخرة فقد سبقتها المنية ،البقية في حياتكم مجددا .
بكى الجميع بقهر وألم خاصة الزوج ،فألمه كان أكبر لندمه ولومه لنفسه ، غسلتها أمها وتم دفنها في المساء .
عاد الزوج إلى البيت بعد أن أخذ المفاتيح من أخ زوجته المتوفية ، مفتاحه هو ومفتاحها ، دخل البيت فوجد المائدة مغطاة ، نزع الغطاء فوجد أشهى الأطباق وأجملها ، ورى ورقة معلقة على باب الثلاجة ، فتحها فوجد المكتوب :
" حبيبي ، أسفة لأنني أردت منك أن تخون عادات وتقاليد مجتمعك ، أسفة لأني طمعت في أن تخرج عن تحجر عن قلوب الرجال الشرقيين في مجتمعك ،وأن تسمعني قليلا من كلام الغزل
، وأن تعانقني وتقول لي بأنك تحبني ،أن لا تغسل وجهك من خربشاتي الليلة وتقول لي
سأخرج هكذا إلى العمل ولا يهمني سخرية الأخرين مني ، سامحني لأني أردت منك أن تعاملني على قدر عقلي الطفولي ،وقلبي الذي لا زال صغيرا ولم يكبر مع الحياة ... أرجوا أن يعجب الطعام أصدقائك حبيبي ،وأعدك أني
لن أحزنك أو أغضبك بعد اليوم أبدا ،
أعدك .....أحبك كثيرا .."
نظر إلى المائدة وبعثرها في كل مكان ، وجلس أرضا يبكي بصراخ ويقول ماذا فعلت يا إلاهي؟ ماذا فعلت يا حبيبتي؟؟ قتلتك بيدي ، سامحيني !!!
سأكتب لأشباه الرجال بأن المرأة هي روح لا جسد ... وهي عقل لا جهل ... وهي رحمة لا ضعف ... وهي أمانة لا إهانة ..
النهاية ...

تعليقات
إرسال تعليق